يشار إلى أن داء النوم، والذي يشعر من يعاني منه بالحاجة الماسة إلى الخلود إلى النوم بشكل شبه دائم، ينتقل عن طريق عضة ذبابة الـ "تس تسي"، وهو ينجم بالأصل عن طفيلي يهاجم الجهاز العصبي المركزي لدى من يُصاب به.
وجاء الإعلان عن "الكشف الطبي" الجديد من قبل جامعة دوندي في سكوتلندا، والتي تقوم بتمويل علماء لإجراء بحوث حول الأمراض التي تلقى عادة إهمالا من قبل شركات الأدوية الرئيسية.
هذه واحدة من أهم النتائج التي تم التوصل إليها خلال السنوات الأخيرة في مجال اكتشافات الأدوية والعقاقير وفي مجال التطور المتعلق بالأمراض المهمَلة.
هذا وقد قام شركاء في كل من جامعة يورك في إنجلترا واتحاد (كونسورتيوم) علوم الجينوم البنيوية في تورنتو بكندا بتقديم الدعم والمساندة للبحث الذي أجرته الجامعة البريطانية المذكورة.
قال البروفيسورر بول ويات، مدير برنامج البحوثفي جامعة دوندي في سكوتلندا إنه حقق "الاختراق العلمي" الجديد: "هذه واحدة من أهم النتائج التي تم التوصل إليها خلال السنوات الأخيرة في مجال اكتشافات الأدوية والعقاقير وفي مجال التطور المتعلق بالأمراض المهمَلة."
وقال البروفيسور ويات إن البحث الذي أجراه فريق بحثه، وقد نُشرت خلاصته في مجلة "نيتشر" العلمية، يشكِّل "خطوة هامة" على طريق تطوير عقار مكتمل لعلاج المرض.
وأشار إلى أن تقديرات منظمة الصحة العالمية للمرض بالارقام تشير إلى أنه يتم رصد ما بين 50 و70 ألف حالة لمرض النوم القهري كل عام. كما تقول المنظمة إن هنالك حوالي 60 مليون شخص آخر يواجهون خطر الإصابة بالمرض.
ينتقل مرض النوم القهري عن طريق عضة ذبابة الـ "تس تسي" القاتلة.
يُذكر أن هنالك ثمة مشاكل ترتبط بكل من العقارين المتوفرين حاليا لعلاج مرض النوم الزائد.
فالعقار الأول، الذي يستند إلى مادة الزرنيخ، يسبب، حسب رأي العلماء، أعراضا جانبية خطيرة تؤدي إلى مقتل واحد من أصل كل مريض يتناوله.
كما يقول العلماء أيضا إن العقار الثاني، وهو الإيفلورنيثين، عالي الكلفة وذو فاعلية محدودة، كما يتطلب أن يُعالج المريض في المستشفى لفترة طويلة.
توصل علماء من المملكة المتحدة وكندا إلى تركيب دوائي لعلاج المرض الطفيلي المميت الموجود في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى المعروف باسم مرض النوم. ويتسبب هذا الداء في تعطيل دورة النوم لدى الإنسان عندما تصيب الطفيليات الدماغ.
وقد قدم دواء الإيفلورنيثين لعلاج هذا المرض الذي ينتشر عن طريق ذبابة التسي تسي قبل ثلاثين عامًا.
ولكن المرضى في المناطق الريفية الأكثر تعرضا للخطر يصعب عليهم تحمل تكلفة الدواء الذي لا يتسم بفعالية كبيرة لمكافحة الأشكال المتقدمة من المرض، وذلك وفقًا لتأكيدات وحدة مكافحة أمراض المناطق المدارية المهملة التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قال المسؤول الطبي بمنظمة الصحة العالمية خوسي رامون فرانكو إنه على الرغم من بعض الجهود الواعدة فإنه لم تتم إضافة أي عقار جديد لعلاج مرض النوم، وبين أن الصعوبة تكمن في التوصل لعقار يقتل الطفيليات دون الإضرار بالدماغ، حيث يتسبب العقار المبني على الزرنيخ والمصمم للهجوم على الطفيليات بمجرد إصابة الدماغ بها في قتل مريض من بين كل عشرين.
أما مدير برنامج اكتشاف الأدوية للأمراض الاستوائية بجامعة دندي في أسكتلندا بول وايت فقال إن العلماء اكتشفوا طريقة جديدة لقتل الطفيليات دون الإضرار بالمريض.
وعن مراحل العلاج يضيف وايت في البداية يتم تحديد نقطة ضعف الطفيليات، كإنزيم ضروري لبقائها على قيد الحياة، وهو ما نسميه هدف العقار. وفي المرحلة الثانية يتم التأكد من أن الجزيئات قادرة على تعطيل هذه الأهداف وقتل الطفيليات". وأشار إلى أن الجامعة تعمل حاليا على تطوير العقاقير التي قد تكون جاهزة للاختبار على البشر في غضون 18 شهرًا.
وفي صفة الدواء يقول فرانكوا إنه لا بد من أخذ الدواء المثالي لمرض النوم عن طريق الفم، وأن يكون منخفض السمية وسهل الاستعمال والتخزين وفعالاً في الحالات المبكرة والمراحل المتقدمة وفي أشكال المرض الموجودة في غرب ووسط أفريقيا وكذلك في شرق القارة وجنوبها. "ولكن الأهم من ذلك كله، أن يكون في متناول الجميع".
ويضيف آلان فيرلامب، من قسم الأدوية بجامعة دندي، أنه حتى لو نجح العقار في كل التجارب، فإن موضوع تكلفته سيبقى مطروحًا. وأشار إلى أنه لا يوجد هناك حافز اقتصادي كبير لشركات الأدوية الكبرى للتركيز على الأمراض الموجودة بأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وأضاف "لاحظنا أن هذه الشركات تهتم الآن بآسيا وأميركا اللاتينية باعتبارها أسواقًا ناشئة، ولكن لا توجد سوق ناشئة في أفريقيا حتى الآن".
وقد بدأت الشركات المصنعة للأدوية في إنتاج لقاحات للدول الفقيرة بأسعار مخفضة مقابل تعهد الجهات المانحة بضمان الطلبات على المدى الطويل فيما يعرف "بالالتزامات المسبقة للسوق".
وحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية فإن عشرات الآلاف من الأشخاص في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مصابون بفيروس مرض النوم. ولكن بسبب حاجة التشخيص لفحص سوائل الدماغ، فإن العديد من المرضى الذين لا يستطيعون الوصول إلى المرافق الصحية سيموتون دون أن يتم تشخيص مرضهم.